مكتب العمري

تمهيد:

الخطأ الطبي هو حدوث خطأ في تقديم الرعاية الصحية للمريض بسبب تقصير أو إهمال من الجانب الطبي أو الصحي. يمكن أن يكون الخطأ الطبي نتيجة لأخطاء في التشخيص، أو استخدام أدوية غير صحيحة، أو إجراء إجراءات جراحية غير صحيحة أو عدم اتخاذ إجراءات الوقاية المناسبة. قد يتسبب الخطأ الطبي في إلحاق أضرار جسدية أو نفسية للمريض، وفي بعض الحالات يمكن أن يؤدي إلى الوفاة.

من الضروري أن يكون الأطباء والممرضين ومقدمي الرعاية الصحية على دراية تامة بأفضل الممارسات والإجراءات السليمة لتجنب الخطاء الطبي. يجب أن تكون هناك سياسات وإرشادات وإجراءات واضحة ومعلومات مستمرة حول التدريب والاستثمار في تحسين جودة الرعاية الصحية. ينبغي أيضًا للمرضى وعائلاتهم أن يكونوا على علم بحقوقهم وأن يشعروا بالثقة في التحدث عن أي مخاوف أو مشكلات تتعلق بالرعاية الصحية التي يتلقونها.

في حالة حدوث خطأ طبي، قد يكون هناك حاجة لتقييم المسؤولية القانونية وتعويض المريض المتضرر. يمكن أن تقوم السلطات القضائية والهيئات الطبية المهنية بالتحقيق في هذه الحالات وتطبيق الإجراءات والعقوبات اللازمة.

من الهام العمل على تعزيز الوعي بالخطأ الطبي وأهمية تحسين الجودة وسلامة الرعاية الصحية. يجب أن يكون هناك التزام من قبل جميع الأطراف المعنية للعمل معًا للحد من حدوث الخطأ الطبي وتوفير الرعاية الصحية الآمنة وذات الجودة العالية للمرضى.

أصبحت تطالعنا وسائل الأعلام بشكل شبه يومي عن ما يقع فيه الأطباء من أخطاء طبية تؤدى إلى الإضرار المباشر بالمريض سواء بوفاة المريض أو إصابته بعاهة مستديمة أو قصور في وظائف جسمه الحيوية الأمر الذى دعى الجميع للتساؤل حول هذا الموضوع لمعرفة نوع المسئولية التي تلقى على عاتق الطبيب من جراء هذا الفعل وكذلك حقوق المريض أو أهله وحتى نعرض الموضوع بشكل شامل ومبسط يجب علينا أولاً أن نعرف ما هو الخطأ الطبي .

تعريف الخطأ الطبي

ويعرف الأستاذ شرف الدين محمود في كتابه “المسؤولية التقصيرية للأطباء” الخطأ الطبي “بأنه انحراف الطبيب عن السلوك الطبي العادي والمألوف، وما يقتضيه من يقظةٍ وتبصّر إلى درجة يُهمل معها الاهتمام بمريضه”، أو هو “إخلال الطبيب بالواجبات الخاصة التي تفرضها عليه مهنته، وهو ما يسمى بالالتزام التعاقدي\”. ويتبيّن لنا من خلال التعريفين السابقين أن الخطأ الطبي يقوم على توافر مجموعة من العناصر، تتمثل بعدم مراعاة الأصول والقواعد العلمية المتعارف عليها في علم الطب، والإخلال بواجبات الحيطة والحذر، إغفال بذل العناية التي كان باستطاعة الطبيب فعلها، إلى جانب مدى توافر رابطة أو علاقة نفسية بين إرادة الطبيب والنتيجة الخاطئة.

والخطأ الطبي كما عرفته الماده السابعة والعشرون من نظام مزاولة المهن الصحية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/59 بتاريخ 11/4/1426هـ أنه هو كل خطأ مهني صحي صدر من الممارس الصحي، وترتب عليه ضرر للمريض يلتزم بالتعويض. وتحدد (الهيئة الصحية الشرعية) المنصوص عليها في هذا النظام مقدار هذا التعويض. ويعد من قبيل الخطأ المهني الصحي ما يأتي

  • 1. الخطأ في العلاج، أو نقص المتابعة.
  • 2. الجهل بأمور فنية يفترض فيمن كان في مثل تخصصه الإلمام بها.
  • 3. إجراء العمليات الجراحية التجريبية وغير المسبوقة على الإنسان بالمخالفة للقواعد المنظمة لذلك.
  • 4. إجراء التجارب، أو البحوث العلمية غير المعتمدة، على المريض.
  • 5. إعطاء دواء للمريض على سبيل الاختبار.
  • 6.استعمال آلات أو أجهزة طبية دون علم كافٍ بطريقة استعمالها، أو دون اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع حدوث ضرر من جراء هذا الاستعمال.
  • 7.التقصير في الرقابة والإشراف.
  • 8. عدم استشارة من تستدعي حالة المريض الاستعانة به.

ويقع باطلا كل شرط يتضمن تحديد أو إعفاء الممارس الصحي من المسؤولية.

المسئولية الجنائية والتأديبية عن الخطأ الطبي

بما أن المسئولية الجنائية هي تحمل الإنسان لنتائج الأفعال التي أرتكبها وهو مدرك لها غير مكره عليها وتعد مما يقرره القانون جريمة معاقب عليها وفى الشرع تعد المسئولية الجنائية سبب في إنزال العقوبة أو الحد على الإنسان الذي أرتكب فعلاً محرما يستوجب الحد أو القصاص وهى تترتب على كل فعل يمس مصلحه الأفراد أو الجماعات فإن الطبيب مسئول جنائياً وتأديباً عن الأخطاء الطبية التي يرتكبها فقد جاء فى نص المادة الحادية والثلاثون مع عدم الإخلال بأحكام المسؤولية الجزائية أو المدنية، يكون الممارس الصحي محلاً للمساءلة التأديبية، إذا أخل بأحد واجباته المنصوص عليها في هذا النظام، أو خالف أصول مهنته، أو كان في تصرفه ما يعد خروجا على مقتضيات مهنته أو آدابها.

فقد نصت المادة الثامنة والعشرون على العقوبات التي توقع على الطبيب فى حالة مخالفته لنظام مزاولة المهن الصحية أو ارتكابه لأخطاء طبية :

مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أنظمة أخرى، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 6 أشهر، وبغرامة لا تزيد عن 100 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من:

1. زوال المهن الصحية دون ترخيص.
2. قدم بيانات غير مطابقة للحقيقة، أو استعمل طرقا غير مشروعة كان من نتيجتها منحه ترخيصا بمزاولة المهن الصحية.
3. استعمل وسيلة من وسائل الدعاية، يكون من شأنها حمل الجمهور على الاعتقاد بأحقيته في مزاولة المهن الصحية خلافا للحقيقة.
4. انتحل لنفسه لقبا من الألقاب التي تطلق عادة على مزاولي المهن الصحية.

5. وجدت لديه آلات أو معدات مما يستعمل عادة في مزاولة المهن الصحية، دون أن يكون مرخصا له بمزاولة تلك المهن أو دون أن يتوافر لديه سبب مشروع لحيازتها.
6. امتنع عن علاج مريض دون سبب مقبول.
7. خالف أحكام المواد: (السابعة) فقرة (ب)، و(التاسعة)، و(الحادية عشرة)، و(الرابعة عشرة) الفقرتين (أ، و) و(التاسعة عشرة)، والعشرين)، و(الثانية والعشرين)، و(الثالثة والعشرين)، و(الرابعة و(العشرين)، و(السابعة والعشرين) فقرة (3) من هذا النظام.
8. تاجر بالأعضاء البشرية، أو قام بعملية زراعة عضو بشري مع علمه بأنه تم الحصول عليه عن طريق المتاجرة.

وقد حددت المادة الثانية والثلاثون العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها في حالة المخالفات المهنية هي:أ- الإنذار .ب-غرامة مالية لا تتجاوز10 آلاف ريال.
د- إلغاء الترخيص بمزاولة المهنة الصحية وشطب الاسم من سجل المرخص لهم.
وفي حالة إلغاء الترخيص، لا يجوز التقدم بطلب ترخيص جديد إلا بعد انقضاء سنتين على الأقل من تاريخ صدور قرار الإلغاء.

الجهة المختصة بنظر دعاوى الأخطاء الطبية

أعلنت وزارتي العدل والصحة يوم ١٠/٥/١٤٤٤ للهجرة اكتمال انتقال اختصاصات الهيئات الصحية الشرعية من وزارة الصحة إلى القضاء العام وتم انشاء ٨ دوائر في المحكمة العامة بالرياض للنظر في قضايا الأخطاء الطبية في المملكة العربية السعودية.

الإثبات في حالات الخطأ الطبي

وحتى يخضع الطبيب للمساءلة بنوعيها الجنائي والتأديب يجب أن يتم إثبات ارتكابه للخطأ الطبي حيث أن مسألة الإثبات هي أهم المراحل في الدعوى فيقع على المريض عبء إثبات وقوع الخطأ ومن ثم وقوع الضرر وإثبات علاقة السببية بينهم ( بمعنى أن الخطأ هو الذي سبب الضرر ) وأن يثبت وقوع الضرر، ثم يثبت علاقة الخطأ بالضرر، وأن هذا الخطأ هو الذي أوقع ذلك الضرر ولا يتم ذلك إلا عن طريق التقارير الطبية التي يصدرها المتخصصين وتؤيده اللجنة الطبية التي يتم تكليها بإيقاع الكشف الطبي على المريض للتيقن من صحة إدعائه .

والإثبات في مثل هذه الحالات يكون بكافة طرق الإثبات حسب ما جاء في نظام الاثبات من إقرار وهو( اعتراف الطبيب بما ارتكبه من خطأ في طريقة علاجه للمريض) وهو أقوى الأدلة، والإقرار حجة كاملة يثبت القاضي الحكم استناداً إليها ولو رجع عن إقراره أو أنكره ما دام مرتبطاً بحق آدمي وكذلك الشهادة مثل شهادة طبيب آخر أو ممرض على أو من أقتضي واقع الحال وجودهم أثناء ارتكاب الخطأ وفى هذه الحالة الشهادة لا تشمل الخطأ التقصيري لأن الخطأ التقصيري في بذل العناية الواجبة للمريض لا تصلح فيه الشهادة إلا لأصحاب الخبرة من أهل الاختصاص وأهم أدلة الإثبات في حالات الخطأ الطبي هي المستندات الخطية والتقارير الموجودة في سجلات المستشفيات.

التصنيفات: مقالة

0 تعليق

اترك تعليقاً

عنصر نائب للصورة الرمزية (Avatar)

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *